قصة الثلاثة الذين خلفواابرز قصص الصحابة هم الصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ويخلفو الله
من هم الثلاثة الذين خلفوا؟ هم ثلاثة من صحابة رسول الله، وهم كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ،
وَمُرَارَةَ بْنِ الرَّبِيعِ، وَهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ،[١] وقد تخلّفوا عن غزوة تبوكٍ دون أن يكون لهم
عذر شرعيّ.
استنفار النبي المسلمين للجهاد في غزوة تبوك لمّا حلّت السّنة التّاسعة للهجرة، وصل خبرٌ إلى
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الرّومَ يريدون غزوَ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- والقضاء
على الإسلام والمسلمين في المدينة المنوّرة
وأنزلَ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِين}،[٣] فامتثل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لهذا الأمرِ الإلهيّ،
وبدأ يحرّض لمسلمين على الجهاد ويأمُرهم بالخروج معه إليه، وأعلَمهَم بأنّ طريقَهم إلى الرّوم ليتجهّزوا
ولم يكن هذا عهده -صلّى الله عليه وسلّم- ولكنّ شدّة الحرّ وطولَ الطّريقِ حتّمتا عليه
أن يُخبِرهم بمُرادِه.[٤] استجابة الصحابة لنداء النبي بكم تبرّع عثمان بن عفّان في غزوة تبوك؟
لقد أظهر الصّحابة -رضوان الله عليهم- أسمى آيات التّضحية والامتثال لأمر رسول الله -صلّى الله
عليه وسلّم؛ فهذا عثمان بن عفّانٍ -رضي الله عليه- جاء
إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ونثرَ بين يديه ألفَ دينارٍ في سبيل تجهيز
هذا الجيش، فأسعدَ هذا رسولَ الله جدًّا، وجعلَ القومُ: الفقيرُ منهم
والغنيّ ينثرُ في حجرِ رسول الله كلٌّ بمقدرته،[٥] ومن ذلكَ أنّ عمرَ بن الخطّاب -رضي
الله عنه- قدِمَ إلى النّبيّ بنصفِ مالِه يريدُ سبقَ أبا بكر، وجاءأبو بكرٍ -رضي الله
عنه- بماله كلّه مُنفقًا في سبيل الله، وقد جاء عبد الرّحمن بن
عوفٍ -رضي الله عنه- بأربعين أوقيّة ذهبًا.[٦] تخلّف أصحاب الأعذار الشرعية لماذا ردّ النّبيّ بعض
المؤمنين عن أن يقاتلوا معه؟ بعد أن أنفق الصّحابة
الغالي والنّفيس في سبيلِ أن يتمّ تجهيز الجيش ظلّ بعض الصّحابة لا يجدونَ جَهازًا لهم،
ولا يملكون مالًا يشترون به جهازهم، فلّا أتوا النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يسألونَه الخروجَ
معه إلى الغزو، اعتذر لهم عن أن يصحبوه في
الغزوة؛ إذ لا جهاز لهم، فتولّوا عنه وهم يبكون حزنًا، وأنزلَ الله فيهم وفي الضّعفاءِ
والمَرضى عذرًا من أن يرافقوا النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى الغزو.[٧] تخلّف المنافقين وثلاثة
من
الصحابة ما هي أٍسماء الثّلاثة الذين خلّفوا؟ ولمّا أمرَ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الصّحابة
بأن يجهّزوا أنفسَهم للخروج في طريقِهم إلى الغزوة، جاءهم بعضٌ من أهل النّفاق المتخلّفينَ عن
الغزو فأخذوا يحاولون ثَنيَهم عن الذّهاب إلى الغزوة؛ لأنّ الحرّ شديد والمسافة طويلة ولأنّ طاقة
الرّوم وعدّتهم أعظم من أن يُواجِهُها المسلمون.[٨] ولكنّ
بعضًا من المتخلّّفينَ عن الغزوِ مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لم يكونوا من
الفئتينِ؛ فلا هم من أصحابِ الأعذارِ، ولا هم من أهل النّفاق، وإنّما تباطأوا عن تجهيزِ
أنفسِهم واللحاق برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حتّى فاتهم الوقت، وأشهرُهم: كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ،
وَمُرَارَةَ بْنِ الرَّبِيعِ، وَهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنهم جميعًا.[٩] انتصار النبي
وصحابته في تبوك كيف انتصر المسلمون في المعركة؟ لمّا وصلَ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم
إلى أرض تبوكَ، خشيَ الرّوم على أنفسِهِم من أن يفتِك بهم النّبيّ -صلّى الله عليه
وسلّم- فتفرّق جيشهم ذعرًا ولم يأتوا إلى تبوكَ لملاقاته، فلمّا رأى النّبيّ جبنهم عن القتال
عسكَرَ أيّامًا في تبوكَ ثمّ أدارَ قِبلَتَهُ عائدًا إلى المدينة المنوّرة.
ولمعرفة المزيد عن مُجريات غزوة تبوك، تفضّل بقراءة المقال التّالي:أحداث غزوة تبوك عودة النبي من
الغزو ما هي بشارة النّبيّ لأصحاب الأعذار؟ انتهت المعركة بلا قتالٍ، ونالَ رسول الله -صلّى
الله عليه وسلّم- والصّحابة -رضوان الله عليهم- النّصرَ من عند الله فيها، فلمّا عادوا إذا
برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: “إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ
مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ”،[١١] وهم الذين حبستهم الأعذار.[١٢] مجيء المتخلفين عن الغزو
للاعتذار هل قبل النّبيّ اعتذار المنافقين؟ قَدِمَ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-
إلى المسجد فدخله وصلّى فيه ركعتين، ثمّ جلسَ إلى النّاس؛ فجاءه قرابة ثمانين رجلًا تخلّفوا
عن الغزوة يعتذرون له ويحلفون، فقَبِلَ منهم ما قالوا واستغفر لهم وجعلَ سرائرهم إلى الله
تعالى.[١٣] مجيء كعب بن مالك للاعتراف ما هي حجّة كعب للتخلّف؟ لمّا رأىكعبٌ بن مالك
-رضي الله عنه- أنّ المتخلّفينَ عن الغزوة اعتذروا إلى النّبيّ -صلّى الله
عليه وسلّم- ذهبَ إليه، وسلّم عليه؛ فردّ عليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- السّلام
مُبديًا غضبَتَه وأخبرَه أنْ تقدّم، فجاء كعب إليه وجلسَ بين يديه، فسأله رسول الله -صلّى
الله عليه وسلّم- عن سبب تخلّفه مع أنّه يملكُ جهازَ الحرب.[١٤] فقال كعب: “إِنّي والله
لَو جلستُ عِندَ غَيركَ مِنْ أَهْلِ الدنيا لَرأَيتُ أن سأخرجُ من سخطه بعُذرٍ، ولقد أعطِيتُ
جدَلًا، ولكنّي واللهِ لقد علِمتُ لئِنْ حدثتك اليوم حديث
كذب ترضى بِه عنّي، ليوشكَنَّ الله أن يسخطك عليَّ، ولئن حدثتك حديثَ صدق تَجد عليَّ
فيه، إنّي لَأرجو فِيه عفو الله، لَا وَاللهِ ما كان لِي من عُذرٍ، واللهِ ما
كنت قط أقوى ولا أيسر منّي حين تخلَّفتُ عنك”، فأشار له النّبيّ -صلّى الله
عليه وسلّم بالذّهابِ إلى أن يحكم الله فيه.[١٤] في أي عام كانت غزوة تبوك؟ لمعرفة
ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: متى كانت غزوة تبوك موقف النبي من الثلاثة الذين
خلفوا بماذا كان عقاب المخلّفين الثّلاثة؟ كان رسول الله
-صلّى الله عليه وسلّم- أخبرَ الصّحابة أن لا يجالسوا الثّلاثة الذينَ تخلّفوا دون عذرٍ عن
الغزوة، فلم يكن الصّحابة يجالسونهم ولا يكلّمونهم، فضاقت صدور الثّلاثة كثيرًا مما يرون من معاملة
المسلمين لهم ونبذهم إيّاهم، حتّى لم
يجد الواحد منهم في نفسِه له متّسعًا.[١٥] ملازمة هلال ومرّة منزليهما كيف تعامل كعب مع
الموقف؟ فلمّا رأى هلال بن أميّة، ومُرارة بن الرّبيعِ
أنّهما منبوذينِ في مجتمعِ الصّحابة اعتزلا النّاس في بيتيهما يبكيانِ، وأمّا كعب، فظلّ يسيرُ بينَ
النّاس يطوف في الأسواق ويمشي في الشّوارع ولا يكلّمه أحد من النّاس، يصلّي حِذاء رسول
الله، فيرمُقُه بعينيه رجاءَ قليلٍ من أمل؛
فيُعرِضُ رسول الله عنه، لمدة خمسينَ يومًا تأذى فيها الثّلاثة من شدّة ما رأوا.[١٥] ملك
غسّان يرسل رسالة إلى كعب هل قبلَ كعب طلب الملك؟ وبينما كعبٌ وتلكَ حالُه يمشي
إذ برجلٍ يجيء في النّاس فيسأل عنه، فيُشيرُ
النّاس إلى كعب فيُقبِل الرّجل إليه ويعطيه رسالةً من ملكِ غسّانَ جاء فيها:
“أمَّا بَعدُ فَإِنه قد بلغنِي أَنّ صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بِدَارِ هوان ولا
مضيعةٍ، فَالحق بنا نُواسِكَ”، فأغلقَ الكتابَ عالمًا أنّما هذا ابتلاءٌ من الله.[١٥] الأمر الإلهي للثلاثة
الذين خلّفوا باعتزال نسائهم كيف كانت استجابة الصّحابة مع
أمر الله؟ فلمّا بلغَ الثّلاثةُ قدرًا من الحزن والأسى على حالهم لم يبلغوها قبلُ، أمرَ
رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بأمرِ الله فيهم، وهو أن يعتزلَ كلّ واحد منهم
زوجَه فلا يقربها، فذهبَ كعبٌ إلى امرأتِه فأرسلها إلى بيتِ أهلِها
فلَحِقَت بهم، وجاءت امرأة هلال بن أميّة تستأذن من رسول الله أن تبقى مع زوجِها
لكبر سنّه فأذِن لها على أن لا يمسّها.[١٦] شعور الثلاثة الذين خلفّوا بضيق الأرض عليهم
ولا تسأل في هذا الوقت العصيبِ عن حالِ القومِ، فهم الغريبون بين
أصحابهم والشّريدون في بيوتهم، تطيق بهم الفلاة وإن اتّسعت وتوحشهم الدّيار وإن سُكِنَت، لقد عاش
الثّلاثة الكرام أصعبَ أيّامِ حياتِهم في هذه الأيّام، ويدلّ على هذا وصفُ الله -عزّ وجلّ-
لهم بأنّهم ضاقت عليهم الأرض بما رَحُبت وضاقت عليهم أنفسهم.[١٦] ماذا كانت نتائج غزوة تبوك؟
لمعرفة ذلك قم بالاطلاع على هذا المقال: نتائح غزوة
تبوك بشرى التوبة! كم ليلةً استمرّ هجر المجتمع الإسلاميّ لهم؟ وبينما كعبٌ جالسٌ بعد صلاة
الفجر من الليلة الخمسين ضائق الصّدر قليل الحيلة لا يدري ما يصنع إذ بمنادٍ يصرخ
“يا كعبَ بن مالك، أبشِر” فما إن طرَقتِ الكلمات أذنَه حتّى خرّ لله ساجدًا موقنًا
بمجيء الفَرَج، فلمّا وصلَه المبشّر نزعَ ثوبَيه -وما كان يملك غيرهما- فأهداه إيّاهما
من شدّة الفرح، وكذلكَ فقد بعث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لصاحبي كعب من
يبشّرهما.[١٦] استقبال النبي كعب بن مالك كيف كانت نظرة الصّحابة والنّبيّ إلى كعب؟ ثمّ ذهبَ
كعبُ فاستعار ثوبينِ يلبسهما لملاقاة
النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وحملَ نفسه بهما يطيرُ إلى رسول الله، فلمّا وصله تلقّفه
النّاس وعيونهم تبرِق سرورًا بتوبة الله عليه حتّى جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-
فبشّره بأنّ الله تاب عليه، وتلا عليه قوله سبحانه من
سورة التّوبة: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ}،[١٧] إلى قوله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}
وذلك خير يومٍ لاقاه كعب مذ دخل دين الله.
قصة الثلاثة الذين خلفوا